المداخلات خلال الندوة الوطنيّة حول "الأسرة التونسيّة: الآليّات الوطنيّة للمرافقة والحماية" تستعرض أهمّ البرامج الوطنيّة لفائدة الأسرة من منظور اجتماعيّ واقتصاديّ وثقافيّ وتستشرف الآفاق لمزيد تطويرها
خصّصت أشغال الندوة الوطنيّة التي نظمتها وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ اليوم السبت 16 مارس 2024 حول "الأسرة التونسيّة: الآليّات الوطنيّة للمرافقة والحماية" لتقديم الخصائص الديمغرافيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة للأسرة التونسيّة والتعريف بمختلف آليات المرافقة والمساندة التي توفّرها مؤسسات الدولة لفائدة الأسرة وأفرادها من منظور اجتماعيّ واقتصاديّ وثقافيّ.
كما شهدت هذه الندوة التي تلتئم بمناسبة اليوم العربيّ لحقوق الإنسان عروضا حول برامج التمكين الاقتصادي وآليات الوقاية والحماية الموجهة لفائدة الأسرة وأفرادها، وبيانا لدور قاضي الأسرة في مرافقة الأسرة وحمايتها والجهود القائمة لمجابهة الانقطاع المدرسي وحماية الأطفال من السلوكيّات المحفوفة من المخاطر وعرضا لعيّنة من تجارب الأطراف المتعدّدة في حماية الأسرة وتنمية أواصرها.
وفي مداخلة أولى حول التّمكين الاقتصادي وآليّات الوقاية والحماية، استعرضت السيّدة وجدان بن عيّاد، مديرة في وزارة الأسرة آليات التّمكين الاقتصادي للنّساء والفتيات والأسر التي توفرها الوزارة على غرار البرنامج الوطني لريادة الأعمال النّسائيّة والاستثمار" رائدات " مبرزة مساهمته في الترفيع من نسق إحداث المشاريع لدى النّساء والفتيات وتبسيط إجراءات الانتفاع بالمرافقة والتّمويل بما يساهم في تقليص نسب البطالة في صفوف النّساء والفتيات، إلى جانب برامج وزارة الأسرة للتمكين الاقتصاديّ القائمة على إسناد موارد رزق.
وتناولت السيدة سماح اليحياوي، كاهية مدير بالوزارة، تدخّلات برنامج التّمكين الاقتصادي لأمّهّات التّلاميذ المهدّدين بالانقطاع المدرسي الذي بلغ العدد الجملي لموارد الرّزق المسندة في إطاره 1098 موردا، كما بلغ العدد الجملي للتّلاميذ النّاجين من الانقطاع المدرسي 4438 تلميذا.
وقدّمت السيّدة مليكة الورغي، مدير شؤون الأسرة، برنامج التّمكين الاقتصادي للأسر ذات الوضعيّات الخاصّة الذي يهدف إلى النّهوض بالأوضاع الاقتصاديّة للأسر المستهدفة بعديد المناطق ذات الأولويّة وتمكينها من موارد رزق تحميها من الفقر والخصاصة، مشيرة إلى تخصيص اعتمادات قيمتها 8 مليون دينار لاستهداف حوالي 800 أسرة سنة 2024 وتعميم تنفيذ هذا البرنامج على كلّ ولايات الجمهوريّة.
وفي مداخلة حول "مساندة الأسر وحماية أبنائهم"، أكّد السيّد سمير بن مريم المدير العام للطفولة أنّ الوزارة تعمل على تكريس حقّ كل الأطفال دون تمييز في الرفاه والنّماء داخل محيط أسريّ متوازن، من خلال وضع جملة من السّياسات والاستراتيجيّات من أهمّها برامج النّهوض بالطّفولة المبكّرة من ذلك برنامج الرّوضة العموميّة بإحداث 49 روضة عموميّة إلى حدود 2023، وبرمجة إحداث 20 روضة عموميّة جديدة سنة 2024 وبرنامج روضتنا في حومتنا الذي استفاد منه 20 الف طفل سنة 2023 مقابل 15 الف طفل سنة 2022 ومن المبرمج انتفاع 25 ألف طفل سنة 2024 و30 ألف طفل سنة 2025، إلى جانب برنامج إعادة إحياء رياض الأطفال البلديّة وبرنامج الدّمج التّربوي لأطفال طيف التّوحّد ضمن مؤسّسات الطّفولة المبكّرة.
وحول آليّات حماية كبار السّنّ الفاقدين للسّند ومرافقتهم، بيّن السيّد خالد المطوسي، كاهية مدير بإدارة كبار السنّ مكونات الاستراتيجيّة الوطنيّة متعدّدة القطاعات لكبار السّنّ 2022-2030، ومن ذلك برنامج الإيداع العائلي الذي يتمثّل في التكفّل بمسنّين فاقدين للسّند العائلي من قبل أسر بديلة وذلك لتأمين محيط طبيعي ومناخ أسري يوفّر لهم العيش الكريم، موضحا تطوّر عدد كبار السّن المكفولين المنتفعين ببرنامج الإيداع العائلي من 148 مسنّا ومسنّة سنة 2022 إلى 366 مسنّا ومسنّة خلال الثلّاثي الأوّل من سنة 2024 أي بنسبة زيادة قدّرت بــــ 147,29 %، كما بلغ مقدار المنحة الشّهريّة المسندة للأسرة الكافلة للمسنّ المعوز 350 د بعدما كانت 200 د. وأضاف أنّ الفرق المتنقلة لتقديم خدمات الرّعاية الصّحيّة والاجتماعيّة بالبيت قد بلغ عددهم 40 فريقا إلى حدود شهر فيفري 2024 مقابل 25 فريقا في خلال نفس الفترة من سنة 2023.
من جانبها تطرقت السّيدة نجلاء قربصلي، مستشار المصالح العمومية بمكتب التخطيط بوزارة العدل في مداخلتها حول "دور القاضي في مرافقة وحماية الأسرة" إلى دور قاضي الأسرة في مرافقة وحماية الأسرة من خطر الانهيار بسبب الانفصال بين الزوجين وذلك من خلال تقديم الإطار التشريعي العام المنظّم لهذا المجال والذي يضمنه الدّستور التّونسي والاتفاقيات الدولية، مثمّنة مجلة الأحوال الشخصية وعراقة سياسة الدولة التونسيّة في حماية الأسرة والنهوض بالمرأة ومناهضة التمييز.
وبيّنت جملة من التدابير والإجراءات المتخذة من قبل وزارة العدل من أهمها الدورات التكوينية لقضاة الأسرة وقضاة النيابة العمومية المكلّفين بملف التعهّد بضحايا العنف وبرامج تحسين الإرشاد القضائي التي من شأنها تسهيل المهام الموكولة لقاضي الأسرة، مشيرة إلى أهميّة دور المُصَالح العائلي الذي وقع التنصيص عليه من قبل المشرّع ومزيد تعزيز دوره كآلية تساهم في حماية الأسرة من مختلف المتغيرات الجديدة، إلى جانب العمل على تقليص آجال توفير الحماية للمرأة ضحية العنف والبتّ في القضايا.
ومن جانبها، استعرضت السيدة منى بوشلغومة، مديرة بوزارة الشؤون الاجتماعيّة أبرز الخدمات التي تؤمنها برامج النهوض الاجتماعي من تأهيل وإدماج إجتماعي لفائدة الأسر والأطفال المهدّدين والشبّان والنساء والكهول والمسنين والأجانب وذوي الإعاقة.
وأفادت أنّه في إطار منظومة "الأمان الاجتماعي" بلغ عدد المنتفعين 340 ألف انتفعوا بالمنحة المالية الشهرية للأسر الفقيرة في موفّى سنة 2023 ويبلغ عدد الأسر الفقيرة المنتفعة بمجانية العلاج والإقامة بالهياكل الصّحية العمومية خلال سنة 2024 حوالي 345 ألف عائلة، وتنتفع حوالي 620 ألف عائلة محدودة الدخل بالعلاج بالتعريفة المنخفضة وانتفع 156418 طفلا البالغين عددهم بين 0-5 سنوات إلى غاية ديسمبر 2023 بالمنحة العائلية وحوالي 217157 أسرة إنتفعت بالمنحة العائلية لفائدة 422542 طفلا في الفئة العمريّة 6-18 سنة.
وبخصوص برنامج إيداع الأشخاص ذوي الإعاقة فاقدي السند لدى أسر بيّنت ممثلة وزارة الشؤون الاجتماعيّة، خلال سنة 2023 بلغ عدد المعاقين المتكفل بهم 310 وعدد الأسر الكافلة 298 باسناد منحة تكفل تقدر بـ 350 دينار شهريا بهدف إبقاء الشخص ذي الاعاقة قدر الإمكان بمحيطه الطبيعي.
كما قدّمت آلية الوساطة العائليّة الت تهدف إلى إعادة الإدماج الأسري وحماية الأسرة وأفرادها من التفكّك والتصدّع حيث تمّ سنة 2023 التدخّل لفائدة 5330 وضعيّة تعيش صعوبات علائقيّة متعهّد بها من قبل مراكز الدفاع والإدماج الاجتماعي ووحدات الدفاع الاجتماعي من بينها 1044 أسرة و92 وضعيّة تشكو خلافات زوجيّة.
وبيّنت السيّدة صالحة حيوني، متفقّدة بوزارة التربية في مداخلتها حول "المنظومة التربويّة وحماية الأسرة ايّ دور؟ أهيمة المدرسة والدور المحوريّ التي تلعبه في تربية الناشئة والتي أصبحت تضطلع بمنظور جديد اجتماعي يساهم في تهيئة الأطفال للحياة والتفكير والعيش التشاركي لتجعل من الطفل عنصر صالح وفاعل في المجتمع، مبيّنة دور المدرسة في حماية الأسرة من خلال ادراج محاور تعليمية تثمن القيم الأسرية التي تبني دعائم الأسرة وتحافظ على توازنها واستقرارها وتعمل على ترسيخيها لدى الأطفال من خلال محتويات بعض الموادّ أو المحاور التعليميّة.
وأفادت أنّ نجاح المدرسة في دورها الحمائيّ يكمن في إقرار الحقّ في جودة التعليم التي تمثل ضمانة لاستمرار المُتعلم داخل أسوار المدرسة وتأمين مستقبله وحمايته من كلّ أشكال الجنوح، وضرورة ملاءمة الزمن المدرسيّ مع الزمن الاجتماعيّ، مشيرة إلى أهمية الشراكة الحقيقية مع الأولياء ومع المؤسسات المعنية جميعا.
ومن جهته بيّن السيّد ذاكر العكرمي، مدير الشؤون الجهوية بوزارة الشؤون الثقافية في مداخلته "آليات مرافقة الأسر وحمايتها من منظور ثقافي" أنّ الوزارة قد أولت أهمية كبيرة للأسر من خلال استراتيجياتها وسياساتها الثقافية من خلال تأثيث فعاليات وانجاز برامج موجهة للأسرة والمرأة معتبرا أنّ الثقافة من أهم آليات لحماية العائلة ومرافقتها، مستعرضا الآليات التي اعتمدتها وزارة الثقافة في مجال الأسرة على غرار النوادي الثقافية وهي من الآليات الأساسيّة لتمكين الطفل من الانفتاح على مجالات الفن والإبداع وتساعد على بناء الشخصية المتوازنة والمتزنة وصقل المواهب باعتبارها إحدى الوسائل الناجعة لتحقيق الاندماج في المجتمع والضامنة لاستقرار الأسرة.
وأفادت السيّدة سنية الدريدي، مديرة التوجيه والتكوين الديني بوزارة الشؤون الدينيّة في مداخلته "أهميّة ترسيخ القيم الانسانيّة لحماية الأسرة" أنّ آليات الوزارة تستهدف الفكر والعقلية بالتوعية من خلال الخطاب الديني الداعي إلى الحفاظ على تماسك الأسرة والمجتمع، مؤكدة حرص على تأهيل الواعظات وتربية الأطفال البالغ عددهم 56 ألف طفلا في 2002 كتابا على القيم الاسلاميّة وعلى الحفاظ على التماسك الأسري، إلى جانب تأمين 16 حملة تحسيسيّة لفائدة 350 وليّا في فضاء مهيئ بجربة بولاية مدنين في إطار برنامج التربية الوالديّة التي تنفذه وزارة الأسرة.
وبيّن السيّد منجي القصوري ممثّل المنظمة التونسيّة للتربية والأسرة في حماية الأسرة وتنمية أواصرها" أنّ المنظمة أعدّت برنامجا خاصّا بمناسبة ستينية المنظمة مؤكّدا أنّ التعليم والصحة هما ركيزتان لبناء مجتمع سليم ومتوازن وأنّ صلاح الأسرة من صلاح المجتمع.
كما قدّمت السيدة دجلة القطاري من وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن فكرة موجزة عمّا تقدّمه الوزارة من حماية وتعهّد وخدمات لفائدة النساء ضحايا العنف.