في إطار اليوم الدّراسي حول "مؤّسسة الزّواج في تونس: سبل الدّعم والحماية" الذي نظّمته وزارة الأسرة والمرأة والطّفولة وكبار السنّ، اليوم الخميس 30 نوفمبر 2023، ركّزت الجلسة الأولى أشغالها حول قراءة اجتماعيّة ثقافيّة في مسارات ما قبل الزّواج.
وقد أكّد السيّد صلاح الدين بن فرج، الباحث في مجال علم الاجتماع في مداخلته حول "هويّة الثّنائي: تشكّلها وتطوّرها" أنّ التّحدّي الأكبر لدعم أركان الأسرة ينطلق من لحظة تشكّل الثّنائي باعتبار أنّ الشّريك معاضد لمؤسّسة الزّواج، مبرزا أنّ الشّباب التّونسي باختلاف جنسه لم يعد مستعدّا لقبول أيّ شكل من أشكال الهيمنة وذلك لانفتاحه على المدرسة والتّعليم والحقوق الفرديّة…
وأضاف الخبير أنّه من الضّروريّ وضع خطط ضمن استراتيجيّة للمراقبة والتّكوين في كيفيّة بناء العلاقات المتوازنة والمنفتحة على انتظارات الشّريكين، وتعديل التّوقّعات المسبقة عبر آليّات الوساطة المدروسة يقوم بها مختصّون في الوساطة الاجتماعيّة والإحاطة بالشّباب من خلال التّثقيف السّليم في كيفيّة التّعامل مع انتظارات الشّريك على جميع الأصعدة الثّقافيّة والنّفسيّة والجنسيّة والانجابيّة، مؤكّدا وجوب إثراء مجال المقاربات المعتمدة في التّعاطي مع قضايا الثّنائي كالمقاربة القضائيّة وإثراؤها بمقاربات اجتماعيّة وقائيّة قبل الوصول إلى المحاكم.
من جهتها، اعتبرت السّيدة إقبال الغربي، الباحثة في مجال علم النّفس والأنثروبولوجيا في مداخلتها حول "معايير بناء مؤسّسة الزّواج النّاجح ومقاييس اختيار الشّريك" أنّ مؤسسة الزّواج تعتبر من المؤسسات المهيكلة والمحدّدة للاجتماع البشري وأنّ الزّواج علاقة بين شخصين مختلفين في الجنس (رجل وامرأة) يشرّعها ويحدّد المجتمع آليّات وجودها، مضيفة أنّ مقاربات علم اجتماع الأسرة وعلم النّفس الأسري ساهمت في نشر ثقافة اجتماعيّة وارشاديّة ونفسيّة، تشجّع على الزّواج وتسلّط الضّوء على مسألة اختيار الشّريك.
وأشار السيّد عبد الوهاب الشّارني، الباحث في مجال علم الاجتماع، في مداخلته التّعارف واختيار الشّريك عبر شبكات التّواصل الاجتماعي وتأثيرها على مؤسّسة الزّواج" إلى أنّ العولمة الاقتصاديّة والعمليّة الاتصاليّة مؤثرة في مؤسسة الزواج، مبرزا أنّ المجتمع الاتصالي قد هيمن على الحياة الاجتماعيّة والعلاقات الأسريّة نتيجة انتشار شبكات التواصل الاجتماعيّة وتتحكمها في مؤسسة الزواج بدلا عن الأساليب التقليديّة للزواج.
كما بيّنت السيّدة ثريا بالكاهية، باحثة في مجال التاريخ والمديرة العامة لمركز البحوث والدراسات والتوثيق والاعلام حول المرأة، أنّ العنف المبني على النوع الاجتماعي يعدّ من أهمّ أسباب التّفكّك الأسري والاجتماعي نتيجة تأثيره على العلاقات وعلى مسار التّنشئة الاجتماعيّة السّليمة التي تؤسّس لمبدأ المساواة وتقاسم الأدوار، ملاحظة أنّ ظاهرة التّفكّك الأسري لها آثار وانعكاسات نفسيّة وأمنيّة واجتماعيّة على البناء الاجتماعي للمجتمع.
وتطرّقت السّيدة كريمة الرميكي، ممثلة جمعية نحب نعيش مع أمي وبابا، في مداخلتها حول "الـتأهيل للحياة الزوجيّة"، إلى مفهوم الزواج شرعا ومن منظور علم النفس الأسري، مبرزة مراحل الاستعداد النفسي للزواج وأهميّته من الناحية الجنسيّة والجسديّة والنفسيّة.
واعتبرت أنّ التأهيل النفسي يقوم على ثلاث نقاط محوريّة متمثلّة في المسؤولية والتضحية وقبول الاختلاف، مشيرة إلى أنّ مؤسسة الزواج لن تكون ناجحة إلا بتوفّر مجموعة من الشروط أهمها التأهيل النفسي للمقبلين للزواج.