في اختتام المنتدى الدولي حول “أهداف التنمية المستدامة من منظور النوع الاجتماعي: أولويات تونس بعد جائحة كوفيد– 19” بمناسبة العيد الوطني للمرأة: وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن تستعرض جملة من التوصيات

خلال اختتام فعاليات المنتدى الدولي حول "أهداف التنمية المستدامة من منظور النوع الاجتماعي: أولويات تونس بعد جائحة كوفيد– 19" الذي انتظم صباح اليوم الأربعاء 12 أوت 2020 تحت إشراف السيد إلياس الفخفاخ رئيس الحكومة، أعلنت السيدة أسماء السحيري، وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن، عن جملة من التوصيات التي انبثقت عن أعمال المنتدى الدولي والتي تمت صياغتها في مشروع وثيقة توجيهية مؤسسة وفقا لثلاث محاور أساسية كبرى تتعلق بالمجال التشريعي والتنظيمي المؤسساتي وأخرى متعلقة بالبرامج والخدمات.

 

وأفادت السيدة الوزيرة في كلمتها أن العمل مازال متواصلا ومستمرا رغم التقدم المحرز والمشهود به وطنيا ودوليا لبلادنا في المجال التشريعي فيما يتعلق بالقضاء على العنف والتمييز ضد المرأة ومكافحة الاتجار بالأشخاص ومأسسة وإدماج النوع الاجتماعي، مؤكدة العمل على مراجعة جملة من النصوص القانونية والترتيبية على غرار إصدار نص قانوني يعمل على تفعيل أحكام الدستور فيما يتعلق بمشاركة النساء في الحياة العامة من خلال التنصيص على التناصف في النفاذ لمواقع القرار وذلك مواصلة للمجهودات التي بذلتها وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن في الامر الحكومي عدد 314 لسنة 2020 الذي سمح لأول مرة في تونس بإدراج المساواة في مجالس إدارة المؤسسات العمومية، وتعديل القانون الانتخابي من خلال ضمان التناصف الأفقي والعمودي في الانتخابات التشريعية سواء في القائمات الحزبية أو القائمات المستقلة لضمان تمثيلية فعلية للنساء في مجلس نواب الشعب وتعزيز النسبة التي شهدت تراجعا من 33 بالمائة إلى قرابة 28 بالمائة بين انتخابات 2014 و2019.

 

وأضافت، في ذات السياق، أهمية إدراج أحكام ضمن مشروع القانون الأساسي للأحزاب تتعلق بضمان تمثيلية النساء في المجالس القيادية للأحزاب والتنصيص على امتيازات وحوافر مالية في التمويل العمومي بالنسبة للأحزاب التي تدرج مقاربة النوع الاجتماعي في مخططاتها وبرامجها العملية والتنفيذية وتعمل على تكريسها على أرض الواقع.

 

كما ذكرت الوزيرة بالتوصيات المتعلقة بمراجعة قانون الوظيفية العمومية ومجلة الشغل والاتفاقيات المشتركة نحو إدراج تدابير إيجابية مؤقتة لتحقيق المساواة التامة والفعلية بين الجنسين ومؤسسة على مقاربة النوع الاجتماعي، ومراجعة النصوص القانونية المنظمة لآليات الإدماج الاقتصادي وخاصة من خلال تعديل الإطار القانوني للصندوق الوطني للتشغيل بوضع آليات إدماج للنساء اللاتي فقدن مواطن الشغل لتطوير الإطار القانوني قصد مرافقة الباعثات لمشاريع مع الأخذ بعين الاعتبار تشريك التونسيين بالخارج، مبينة ضرورة تنقيح القانون الأساسي للمجلس الوطني للإحصاء بالتنصيص على إدراج مقاربة النوع الاجتماعي ضمن برامج عمله حتى تتوفر للدولة احصائيات مراعية للنوع الاجتماعي في جميع المجالات دون استثناء. 

 

ودعت الوزيرة بالمناسبة إلى إصدار النصوص التطبيقية أو المتعلقة بالقانون الأساسي عدد 58 لسنة 2017 بما يضمن مزيد حماية النساء ضحايا العنف وحسن التعهد بهن وذلك خاصة بإصدار نص متعلق بإحداث صندوق التعويض للنساء ضحايا العنف وضمان تمويله ومراجعة قانون الإعانة العدلية لسنة 2002، مؤكدة على مراجعة الأمر الحكومي عدد 626 المحدث لمجلس النظراء للمساواة نحو تعزيز صلاحياته التقريرية وتدعيم تركيبته ومأسسة مهام العضو المكلف بالنوع الاجتماعي والكتابة القارة بما من شأنه أن يساعده على حسن أداءه لمهامه في إدراج مقاربة النوع الاجتماعي في السياسات، إلى جانب مراجعة النصوص القانونية المتعلقة بإسناد الأراضي الدولية حتى تكون مراعية للنوع الاجتماعي وتسمح بالترفيع في نسبة تملك النساء لتلك الأراضي والمشاركة في الدورة التنموية والاقتصادية للبلاد.

 

اما على المستوى المؤسساتي، فقد استعرضت الوزيرة توصيات المنتدى والتي تتعلق بالتدابير العملية والمؤسساتية حتى تكون النصوص القانونية ذات جدوى وفاعلية على غرار مأسسة النوع الاجتماعي في كل آليات التمويل والتحفيز على الاستثمار بما يساهم في دفع المبادرات النسائية نحو المشاريع المهيكلة والمتوسطة وفتح آفاق الاستثمار في المجالات الحديثة التي أفرزتها جائحة الكوفيد 19 من ذلك الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة (حفر المؤسسات الناشئة start up) والمجالات العملية والطبية، وضرورة الإسراع بتفعيل قانون الاقتصاد الاجتماعي والتضامني باعتباره القطاع الاقتصادي الثالث الذي من شأنه أن سيساهم بصورة كبيرة في مساعدة النساء على الاندماج في الدور الاقتصادية وذلك انطلاقا من تفعيل الهيئة التونسية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني.

 

وبخصوص مقاومة العنف ضد النساء، أكدت الوزيرة على ضرورة وضع الأدلة التوجيهية وبرامج العمل بالنسبة لكل التنسيقيات الجهوية للتعهد بالنساء ضحايا العنف قصد إضفاء مزيد النجاعة على عملها وتدخلها الميداني عند القيام بمهامها، وتفعيل القانون الأساسي للميزانية لسنة 2019 وخاصة من خلال تعميم المؤشرات المبينة على النوع الاجتماعي في جميع الهياكل العمومية وتدعيم قدرات العاملين في مجال التخطيط والميزانيات لتنفيذ ذلك التوجه.

 

وأوصت الوزيرة، في كلمتها، بوضع خطّ أو صندوق ضمان لضمان القروض البنكيّة للنساء مع إتفاقات تمويل مع مؤسّسات التمويل تهدف المشاريع ذات مستوى إستثمار تفوق 150 ألف دينار، بالإضافة إلى ضرورة تخصيص ميزانية لتنفيذ مقتضيات القانون عدد 58 لسنة 2017.

 

اما في الجانب المتعلق بالبرامج والخدمات، شددت السيدة أسماء السحيري على ضرورة تعزيز البرامج والخدمات المقدمة بما يضمن تعزيز حقوق النساء قصد

أقلمة الاستراتيجيات وبرامج العمل التي وضعتها الدولة لتحقيق المساواة بين الجنسين وخاصة ما ورد بمخطط التنمية 2016 -2020 استجابة لأهداف التنمية المستدامة ولمجابهة تداعيات الكوفيد 19. 

 

وتتعلق التوصيات الخاصة بهذا المجال بتطوير منظومة وطنيّة لدعم الاستثمار المراعي للنوع الاجتماعي تطمح لتصوّر جديد لدعم ريادة الأعمال من ناحية مستوى الاستثمار ونوعيّة الاستثمار قصد وجود النساء في مجالات واعدة مثل البيئة والطّاقة والصناعة المتجدّدة، ووضع برنامج وطني يجمع كافة المتدخلين الحكومية وغير الحكوميين للحدّ من ظاهرة الانقطاع المدرسي في الوسط الحضري، شبه الحضري والريفي، إلى جانب وضع آليات عملية كمنصة رقمية لتمكين النساء الحرفيات والفلاحات من تسويق منتوجاتهن بالداخل والخارج ومساعدتهن على تطوير آليات ترويج. ويمكن في هذا الصدد العمل على اعتماد مسمى علامة مسجلة.

 

كما شملت التوصيات المنبثقة عن المنتدى مراجعة الآليّات المخصّصة لإدماج الفئات الهشّة من النساء ضحايا العنف والسجينات وذوات الإعاثة من خلال توفير وتعزيز التكوين وتمكينهن من الانتفاع بخط تمويل خاص يراعي في شروطه خصوصياتهن، وتعميم التغطية الاجتماعية والخدمات الصحيّة والإنجابية والإدماج المالي والاقتصادي المرتبطة بمنظومة المعرّف الاجتماعي، بالإضافة إلى إرساء عقود برامج بين الدّولة ومكوّنات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، تحت مفهوم "التعاقد الاجتماعي"، لتمكين الفئات الهشّة من النفاذ لخدمات الرّعاية الاجتماعية عن قرب، منها الخدمات الموجّهة للطفولة ولكبار السّن، والنقل للتلاميذ في المناطق المعزولة ونقل النّساء العاملات في الفلاحة وتحسين التغذية عن طريق دعم مسالك ومراكز تجاريّة تضامنيّة.

 

وأوصى المشاركون والمشاركات بوضع برامج لتأهيل الجاني مرتكب العنف باعتباره من أهم الآليات الوقائية التي تمنع العنف ضد النساء من خلال القطاع مع العود في جرائم العنف المنزلي خاصة المنزلي الذي كان جائحة في حد ذاته هزت كيان المجتمع التونسي خلال فترة الحجر الصحي الشامل، والعمل على مزيد تطوير الخدمات المقدمة للنساء ضحايا العنف استنادا لأربعة معايير هي القرب والمجانية وإمكانية الوصول للخدمة والاستجابة وذلك خاصة من خلال تكثيف وتعميم مراكز التعهد بالنساء ضحايا العنف (ولاية/معتمدة/بلدية) مع إحداث مراكز استعجالية لمجابهة الحوادث الطبيعي، إلى جانب إنشاء نظام (منصة)/برمجيّة رقمية لتقديم الشكاوى (التنبيه والإبلاغ وتقديم الشكاوى) واستخدام الموارد الرقمية، ومزيد التكوين والتدريب في مجال القضاء على العنف ضد المرأة بما في ذلك القانون الأساسي عدد 58 لسنة 2017 وتخصيص وحدة تكوينية في المدارس العليا (القضاء والامن والصحة ...) في هذا المجال.

 

كما تعلقت التوصيات الخاصة بالبرامج والخدمات بوضع برامج لتغيير المعايير الثقافية والاجتماعية التي تكرس الصور النمطية وتعيق تحقيق المساواة التامة والفعلية بين الجنسين في جميع الميادين وخاصة المجال السياسي والعمل على تفعيل القانون الأساسي عدد 58 لسنة 2017 فيما يتعلق بالعنف السياسي الذي ما انفك يتصاعد خلال الآونة الأخيرة مما من شأنه التأثير على مشاركة المرأة الفعلية في الحياة العامة والسياسية.